اغتصاب وطن
4-3-2013 | 16:04
طارق عبد الفتاح
المشهد أزاحت الستار عن عملية ممنهجة لاغتصاب مصر فى ندوة بالغة الأهمية، تناولت ظاهرة التحرش الجماعى! تطرقت عمليات الاغتصاب لتشمل الرجال! وهذا ما عده الخال عبد الرحمن الأبنودى عملا فجا لم تجرؤ حتى إسرائيل على ارتكابه مع الفلسطينين !
قدم د.علاء الأسوانى تفسيرا مفاده أن اغتصاب إمرأة أمر مستحيل إلا إذا تم تدمير مقاومتها أولا، لأن عضلات الحوض لدى المرأة خلقت فى منتهى القوة لتتحمل آلام الحمل.. ولكى يحقق المغتصب هدفه عليه أن يهين المرأة بالضرب والتخويف والتهديد بالقتل والتعذيب، ومن ثم تنهار مقاومتها ويمكن اغتصابها!.
هناك تشابه وتطابق بين ما يحدث للمتظاهرين والمتظاهرات من ترويع وتعذيب وقتل، وما يحدث للوطن ككل! فلا بد لاستلاب الوطن واغتصابه أن يتم أولا إفقاده القدرة على المقاومة ! من خلال إعادة بناء جدار الخوف الذى هدمه الثوار فى الموجة الأولى للثورة.. ولكى ينجح البناء لا بد من زيادة جرعات الرعب والتعذيب والاختطاف والاغتصاب والقتل والبداية لا بد أن تكون مع النشطاء بكسر إرادتهم وإهانتهم إهانات بالغة تجعلهم يبتعدون تماما عن ساحة النضال الثورى، ولا يوجد ما هو أكثر قسوة من الاغتصاب الجسدى للنساء والرجال! ثم تكتمل أركان الاغتصاب بالتمكين وتغيير هوية البلد، وزرع الإخوان فى مفاصل الدولة، وتوجيه آلة القمع بالداخلية لتحقيق هذه الأهداف، وهذا سر الإبقاء على الداخلية دون هيكلة أو تغيير!..
ولكن هل نجح هذا المخطط الشيطانى فى سحق روح الثورة وإجهاضها؟... إذا اختفت مقاومة الشعب المصرى واستسلم تماما للقمع، فمعنى ذلك أن عملية اغتصابه ستمضى فى طريقها، ولكن انظر إلى عصيان بورسعيد وما تبعه من عصيان فى 8 محافظات لنتأكد أن جسد مصر يأبى الاغتصاب ويقاوم بقوة، والمقاومة تتجلى أيضا فى كل مؤسسات ووزارات الدولة..
المقاومة احتكت بأسوار الاتحادية وما زالت تنتفض فى التحرير وفى كتابات الوطنيين وصفحات المدونيين... المقاومة فى نقاشات العامة والبسطاء فى وسائل المواصلات العامة وفى أعمال الفنانيين وكتابات المبدعين ومقالات الصحفيين وفى مقاطعة القوى السياسية لهزلية الانتخابات القادمة... المقاومة تنمو ببطء ولكن بقوة أيضا.. ولهذا لن تستسلم مصر وستفشل محاولات اغتصابها.
أهم ما يلفت الانتباه ما أثاره الكاتب الصحفى مجدى شندى فى ندوة المشهد من أن تقديم بلاغات للنائب العام ولأقسام الشرطة حول عمليات الاغتصاب ما زال محدودا أو معدوما ! مما يشير إلى إحتمال هروب المغتصب من العقاب كما هرب القاتل من دم الشهداء حتى الآن !
مما أثار الجدل بندوة المشهد أيضا اتهام الرجال بأنهم فقدوا نخوة الدفاع عن المرأة! ولكن الحقيقة أن من حاول تخليص الضحية من الرجال تعرض للاعتداء بالأسلحة وللاعتداء الجنسى أيضا !
الرسالة من اغتصاب المتظاهرات هى كسر إرادة الرجال قبل النساء، فالرجل هو زوج وأخ وأب وابن وصديق وخطيب للضحية! وكسر إرادتها معناه كسر لإرادة كل هؤلاء من رجال الحى وزملاء العمل والمحيطين بها! ثم إن استهداف الرجال فى عمليات الاغتصاب القذرة تؤكد أن إيجابية الرجال لم تختف.. وشهداء ثورة يناير أغلبهم من الرجال وعمليات الاغتيال القذرة استهدفت جابر جيكا والحسينى أبو ضيف وكريستى ومحمد الجندى ومحمد الشافعى وعمر سعد وعبده عباس..... وغيرهم.. فما زال فى مصر رجال يدفعون عن جسد مصر محاولات الاغتصاب والانتهاك، ويدفعون أرواحهم ثمنا لحماية شرفها وصيانة عرضها من لصوص الأوطان ومغتصبيها..
إن أحد أهداف المغتصبين أيضا شق الصف بين المسلمين والمسيحيين، وبين تيار المعارضة، ويهدفون لشق الصف أيضا بين الرجل والمرأة !
أهانوا الفن والحضارة المصرية القديمة واعتدوا على مدن القناة التى هى رمز للوطنية، وأهانوا المرأة المصرية فاقتربت نهايتهم.
عزيزتى المرأة المصرية، أنت أقوى من كل المؤامرات، لك كل تحية وتقدير.. الموجة القادمة من الثورة ستقودها النساء ومن خلفهم الرجال..
المقاومة مستمرة ومصر عصية على الاغتصاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق